الإعجاز الإخباري في القرآن والسنة
الحلقة (1)
الإعجاز في إخبار القرآن بهزيمة الفرس وانتصار الروم
وقد أخبر القرآن بذلك في وقت كادت دولة الفرس أن تزيل الإمبراطورية الرومانية من خارطة الدنيا، فقد وصلت جيوش كسرى ملك الفرس إلى وادي النيل، ودانت له أجزاء عظيمة من مملكة الرومان , فتمكن جيش الفرس من السيطرة على بلاد الشام وبعض مصر، التي كانت تحت الحكم الروماني , واحتلت جيوش الفرس أيضا أنطاكيا شمالاً، مما آذن بنهاية وشيكة للإمبرطورية الرومانية.
وأمام هذا الطوفان الفارسي أراد هرقل ملك الروم أن يهرب من عاصمة ملكه القسطنطينية، وكاد أن يفعل لولا أن كبير أساقفة الروم أقنعه بالصمود وطلب الصلح الذليل من الفرس.
ووسط هذه الأحداث – وخلافاً لكل التوقعات – أعلن النبي – صلى الله عليه وسلم – في أجواء مكة المتربصة به وبدعوته أن الروم سينتصرون على الفرس في بضع سنين، أي فيما لا يزيد عن تسع سنين , فقد نزل عليه قول الله تعالى: {غُلِبَتِ الرُّومُ , فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ , فِي بِضْعِ سِنِينَ , لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ } (الروم: 2 – 4).
يقول المؤرخ إدوار جِين: “في ذلك الوقت، حين تنبأ القرآن بهذه النبوءة، لم تكن أية نبوءةٍ أبعدَ منها وقوعاً، لأن السنوات الأولى من حكم هرقل كانت تدل على قرب انتهاء الإمبرطورية الرومانية” .. إنتها كلامه .
لقد كان القرآن يتنبأ بانتصار المهزوم الذي يكاد يستسلم لخصمه، ويحدد موعداً دقيقاً لهذا النصر الذي ما من شيء أبعد في تحققه منه.
ولقد تحقق ما أخبر به القرآن ، ففي عام 623م وما بعدها استطاع هرقل أن يتخلص من لهوه ومجونه، وشن ثلاث حملات ناجحة أخرجت الفرس من بلاد الروم .
وفي عام 627م واصل الروم زحفهم حتى وصلوا إلى ضفاف دجلة داخل حدود الدولة الفارسية، واضطر الفرس لطلب الصلح مع الروم بعد انتصار الروم عليهم في معركة نينوى
فبالفعل : انتصر الروم على الفرس في بضع سنين .
فمن ذا الذي أخبر محمداً – صلى الله عليه وسلم – بهذه النبوءة العظيمة ؟
إنه وحي الله، وهو دليل رسالته ونبوته عليه الصلاة والسلام .