كام الصيام , كام الصيام ,

أحكام المريض وكبير السن في رمضان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

فمن أكثر ما يسأل الناس عنه في #فقه_الصيام عن أحكام المرضى وكبار السن في الصيام وكيف يتصرفون , من يجوز له الفطر ومن لا يجوز له ذلك , ومن منهم يجب عليه القضاء ومن منهم يجب عليه الفدية , وما مقدار الفدية وما وقت وكيفية إخراجها , كل ذلك وغيره سنتناوله في هذا المقال بالتفصيل .

 

أولا : أنواع المرض مع الصيام

 

لا شك أن الأمراض تختلف شدة وضعفاً، ومنها المؤثر في الصوم ومنها غير المؤثر، ومن ثم فالمريض مع الصيام له أحوال:

1 – ألا يتأثر المريض بالصوم ، مثل: الزكام اليسير ، ووجع في أصبع , وما أشبه ذلك، فهذا لا يحل له الفطر، ويجب عليه الصيام .

2 – إذا كان المريض يشق عليه الصوم مشقة زائدة عن المعتاد , بسبب الصيام أثناء مرضه ، لكن لا يؤدي صيامه أثناء مرضه إلى ضرر عليه , فهذا يكره له الصوم، ويستحب له الفطر .

يكره له الصوم لماذا ؟

= لأنه لم يقبل الرخصة التي أعطاها الله له

وقد قال عز وجل :

{ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}

 

وقال صلى الله عليه وسلم – :

((إنَّ الله يحبُّ أن تُؤْتَى رُخَصُه , كما يَكرهُ أن تُؤْتَى معصيتُه))

رواه أحمد وصححه الألباني .

فيُكره للمريض الصوم مع المشقَّة الزائدة عن المعتاد ؛ لأنه خروجٌ عن رخصة الله, وتعذيبٌ منَ المرْء لنفسه.

3 – إذا كان الصوم ليس فقط يشق على المريض , بل يتسبب له بضرر محقق , كزيادة المرض , أو بطء الشفاء , ونحو ذلك :

= فيجب عليه الفطر , ويحرم عليه الصوم

لقول الله عز وجل :

{وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} .

وقال سبحانه:

{وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ

وفي الحديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لا ضرر ولا ضرار» . أخرجه ابن ماجه، والحاكم، قال الإمام النووي: وله طرق يقوي بعضها بعضاً.

وقال الشيخ الألباني صحيح بمجموع طرقه

ويعرف ضرر الصوم على المريض إما بإحساسه بالضرر بنفسه، وإما بخبر طبيب موثوق به.

 

ثانيا : أنواع المرضى من حيث القضاء أو الفدية

 

إذا أفطر المريض في رمضان بسبب حصول مشقة أو ضرر , فما الذي يجب عليه ؟

= له حالتان

1 – من كان مريضا مرضا يرجى برؤه , أي : مرضا عارضا ليس مزمنا , يزول بالعلاج بإذن الله , فعليه القضاء بعد الشفاء، لقوله تعالى:

( فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر)

[البقرة: 184] .

أما إن مات قبل أن يشفى ؟

= لا شيئ عليه

وليس على أهله أن يصوموا عنه ولا أن يخرجوا الفدية عنه ولا أي شيئ

وذلك بإجماع الأئمة الأربعة وغيرهم .

لأن الله قال

{ ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر }

أي : إن تم شفاؤه فعليه القضاء

لكنه مات ولم يتم شفاؤه

فليس مقصرا في أي شيئ

وليس عليه ولا على أهله أي شيئ

أما إذا كان قد تمكن من القضاء بأن حصل له الشفاء , ولكنه لم يقضي  حتى مات ، فيستحب لورثته أن يصوموا عنه عدد الأيام التي أفطرها

لقول النبي صلى الله عليه وسلم :

( مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ )

رواه البخاري ومسلم

فإن لم يفعلوا أطعموا عن كل يوم مسكينا .

2 – من كان مريضاً مرضاً لا يرجى برؤه

يعني مرضا مزمنا لا يُعرَف له علاج حتى الآن

كمريض السكر ونحوه

فإن عجز عن الصوم أو أخبره الطبيب المتخصص الثقة أن الصوم يضره , فليفطر

ويجب عليه الإطعام عن كل يوم مسكينا .

ونفس الحكم : الكبار في السن الذين لا يتحملون الصيام .. فيفطرون ويطعمون عن كل يوم مسكينا .

 

ثالثا : ما مقدار وكيفية ووقت الإطعام ؟

 

= من وجب عليه الإطعام , فهو مخير بين ثلاثة أمور :

1 – أن يعطي لكل مسكين  مُدٌ من طعام , فهذا المد هو القدر الواجب في إطعام المسكين , وهذا قول الشافعية والمالكية وهو أرجح من جهة الدليل وموافقة آثار الصحابة .

ما مقدار المُد ؟

الجواب : المد بمقدار ملئ كفَي الرجل المعتدل

وقدره بعض الباحثين المعاصرين ب 544 جرام , وقدره بعضهم ب650 جرام , ولذلك احتاط بعض العلماء وقدروا المد ب (750 جراماً) تقريبا .

يعني الخلاصة : مقدار إطعام كل مسكين حوالي ( 750 جراما ) من الأرز ونحوه من غالب قوت أهل البلد التي تعيش فيها , ولو جعلت مع الأرز إداماً كلحم أو شيئ مطبوخ ونحو ذلك فمستحب وليس بواجب .

2 – أو يصنع طعاماً ويدعو إليه المساكين.

قال البخاري:

وَأَمَّا الشَّيْخُ الْكَبِيرُ إِذَا لَمْ يُطِقْ الصِّيَامَ فَقَدْ أَطْعَمَ أَنَسٌ بَعْدَ مَا كَبِرَ عَامًا أَوْ عَامَيْنِ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا خُبْزًا وَلَحْمًا وَأَفْطَرَ أ.هـ.

3 – وأجاز بعض العلماء إخراج القيمة المادية : أي أن تعطي المسكين عن كل يوم نقودا بقيمة المد , أي ثمن كيلو إلا ربع أي طعام من الأطعمة الأساسية للناس , مثل الأرز واللوبيا والفاصوليا الخ .

تنبيه : بعض الناس يظن أنه لو أطعم أسرة فقيرة فإن ذلك يحسب مسكينا واحدا !

= خطأ

لو أطعمت أسرة فقيرة , فتحسب عدد المساكين على حسب عدد أفراد الأسرة

يعني لو أطعمت أسرة مكونة من زوج وزوجة وثلاثة أولاد

فبذلك أنت أطعمت خمس مساكين

حتى الأطفال الصغار يحسبون من عدد المساكين ماداموا يأكلون .

هل يجوز إخراج الفدية كلها لمسكين واحد ؟

الجواب : بالنسبة لفدية صيام رمضان : نعم يجوز

فيجوز توزيع الفدية على عدة مساكين , ويجوز إعطاؤها كلها لمسكين واحد .

هل يتم إخراج فدية المساكين اليوم بيومه , أم في نهاية شهر رمضان

الجواب : يجوز جميع الأمور التالية

1 – الراجح أنه يجوز تقديم الفدية وإخراجها كلها في أول شهر رمضان , في أوله وليس قبله .

2 – كما يجوز إخراج جميع الفدية في أي يوم من أيام الشهر .

3 – كما يجوز إخراج الفدية اليوم بيومه .

4 – كما يجوز أن يخرجها في نهاية الشهر .

5 – والراجح أنه أيضا يجوز أن يخرجها بعد شهر رمضان .

6 – ويجوز إخراجها جميعها دفعة واحدة , كما يجوز إخراجها متفرقة .

هل يجوز أن أقوم بتوكيل شخص ثقة أو جمعية أو مؤسسة خيرية موثوقة , بأن أدفع لهم المال وهم يقومون بإطعام المساكين ؟

= نعم يجوز .

هل تخرج فدية الصيام طعام أم يجوز إخراجها مالا

= بعض  العلماء قالوا لا بد من إخراجها طعام لأن الله عز وجل قال : ففدية طعام مسكين

وأجاز بعض العلماء إخراجها مالا

وذهب بعض العلماء إلى أن العبرة بحاجة الفقير , فإن كانت حاجة الفقير طعاما تخرجها طعام , وإن كانت حاجته مالا تعطي له فدية الصيام مالا

وهذا الرأي الأخير أراه والله أعلم هو الراجح

 

ختاما : كلمة لكل مريض لم يستطع الصيام في رمضان

 

أقول لكل مريض أفطر بسبب مرضه , لا تحزن ولا تظن أن أجر الصيام ضاع عليك , لا أبدا , بل قد أخذت الأجر كاملا كأنك صمت

ويدل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إذَا مَرِضَ العَبْدُ، أوْ سَافَرَ، كُتِبَ له مِثْلُ ما كانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا. } , رواه البخاري .

هذا والله عز وجل أعلم

أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *