السؤال
ما حكم مبادلة الذهب القديم بذهب جديد مع دفع الفرق؟
الجواب
لا بد من الاطلاع على تفصيل المسألة، فقد اختلف العلماء في هذه المسألة على رأيين:
الرأي الأول: رأي جمهور العلماء
يرى جمهور العلماء أن استبدال الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة مع اختلاف الوزن أو دفع أي فرق (حتى لو كان ذلك مقابل مصنعية الصائغ) هو ربا محرم. واستدلوا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم:
“الذَّهَبُ بالذَّهَبِ، والْفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والْبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ، والتَّمْرُ بالتَّمْرِ، والْمِلْحُ بالمِلْحِ، مِثْلًا بمِثْلٍ، يَدًا بيَدٍ، فمَن زادَ، أوِ اسْتَزادَ، فقَدْ أرْبَى”
رواه مسلم
معنى الحديث
ينهي النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن مبادلة هذه الأصناف، كالذهب بالذهب والفضة بالفضة، إلا إذا كانت المبادلة في الحال (يدا بيد) وبنفس الوزن دون زيادة أو نقصان ودون دفع أي فارق. وبذلك، يرى جمهور العلماء أن مبادلة الذهب بذهب آخر أو الفضة بفضة أخرى مع اختلاف الوزن أو دفع فرق يعد ربا.
الحل عند جمهور العلماء
وفقًا لرأي الجمهور، للحفاظ على صحة البيع دون الوقوع في الربا، يمكن اتباع الخطوات التالية:
- بيع الذهب القديم: بيع الذهب القديم وقبض ثمنه نقدًا.
- شراء الذهب الجديد: بعد القبض، يمكن شراء الذهب الجديد بالسعر المتفق عليه.
كما يعتقد جمهور العلماء أنه لا يجوز بيع الذهب والفضة بالتقسيط، لأن بيع الذهب والفضة يجب أن يكون يدا بيد (أي في الحال دون تأجيل).
الرأي الثاني: رأي بعض التابعين وبعض الحنابلة
يذهب الإمام الحسن البصري، والإمام إبراهيم النخعي، والإمام الشعبي (وهم من كبار علماء التابعين)، وبعض الحنابلة، وكذلك الإمام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، ويفتي به مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف، إلى أن الربا ينطبق فقط على الذهب والفضة إذا كانا يُستخدمان كعملات، كما كان الحال قديمًا بالدنانير الذهبية والدراهم الفضية.
الأدلة على هذا الرأي
الدليل الأول
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“لا تَبِيعُوا الدِّينارَ بالدِّينارَيْنِ، ولا الدِّرْهَمَ بالدِّرْهَمَيْنِ”
رواه مسلم
وجه الدلالة
يُفسر هذا الحديث حديث “الذهب بالذهب والفضة بالفضة … يدا بيد مثلا بمثل فمن زاد أو استزاد فقد أربى”. فالربا ينطبق فقط إذا كان الذهب والفضة عملات للبيع والشراء، أما إذا كانا في صورة حلي قد خضع للصياغة، فهو سلعة كسائر السلع ولا ينطبق عليه الربا، ولا يشترط فيه التماثل أو أن يكون يدا بيد.
الدليل الثاني
أن الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يبيعون ويشترون الحلي الذهبي والفضي (مثل الخواتم والأساور) دون اشتراط التماثل في الوزن بين الحلي والعملات، ولم يُنقل أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك.
الخلاصة والراجح
بناءً على الأدلة، فإن الرأي الصحيح الراجح هو:
- يجوز مبادلة الذهب بذهب أو الفضة بفضة متماثلين في الوزن مع دفع المصنعية.
- يجوز مبادلة الذهب بذهب أو الفضة بفضة أكثر في الوزن مع دفع الفرق.
- يجوز مبادلة الذهب بذهب أو الفضة بفضة أقل في الوزن مع أخذ الفرق.
- يجوز بيع الذهب أو الفضة بالتقسيط.
والله تعالى أعلم.