زكاة الفطر زكاة الفطر

هل يجوز إخراج زكاة الفطر مالا ؟

السؤال : زكاة الفطر هل تخرج طعام أم نقود ؟

 

الجواب :

سأدلك على الراجح , ثم أدلك على الأفضل :

فأما   الراجح : فجواز إخراجها طعام ونقود

فمن أخرج زكاة الفطر طعاما فزكاته صحيحة , ومن أخرج زكاة الفطر نقودا فزكاته صحيحة

وأما الأفضل : فهو الأنفع للفقير .

والجميع يعلم أن الأنفع للفقير في غالب الأحوال في عصرنا : النقود .

يقول قائل : ما الدليل على جواز إخراج زكاة الفطر نقودا ؟

الجواب :

سأدلك أولا على القائلين بجواز إخراج زكاة الفطر نقودا , ثم أذكر لك أدلتهم .

فإن البعض يدلسون على الناس ويزعمون أن الإمام أبو حنيفة وحده هو الذي قال بجواز إخراج زكاة الفطر نقودا , وهذا إما جهل منهم أو كذب وتدليس على العلماء .

فأما القائلين بجواز إخراج زكاة الفطر نقودا فهم :

1 – بعض الصحابة .

قال التابعي الجليل أبو إسحاق السبيعي : أدركتهم ( أي الصحابة ) وهم يعطون في صدقة رمضان الدّراهم بقيمة الطّعام. (مصنف ابن أبي شيبة: 3/174، وعمدة القارئ: 9/8).

وقد أدرك التابعي الجليل أبو إسحاق السبيعي بعض الصحابة : كسيدنا علي وغيره , وهم الذين عناهم بقوله : أدركتهم .

2 – من أئمة التابعين : الخليفة الراشد العادل عمر بن عبد العزيز :

فعن قرّة قال: جاءنا كتاب عمر بن عبد العزيز في صدقة الفطر: نصف صاع عن كلّ إنسان أو قيمته نصف درهم.

وهذا الأثر غاية في الأهمية

حيث أن جميع علماء التابعين في عهد سيدنا عمر بن عبد العزيز أقروه على إخراج زكاة الفطر نقودا , ولم ينكر عليه أي أحد منهم .

3 – ومن كبار أئمة التابعين أيضا : الإمام الجليل , الحسن البصري، قال : ” لا بأس أن تعطى الدّراهم في صدقة الفطر .

4 – ومن أئمة التابعين أيضا : الإمام الجليل سفيان الثوري , فقد جاء في موسوعة فقه سفيان الثوري : ( لا يشترط إخراج التمر أو الشعير أو البر في زكاة الفطر , بل لو أخرج قيمتها مما هو أنفع للفقير جاز , لأن المقصد منها إغناء الفقراء عن المسألة وسد حاجتهم في هذا اليوم ) .

مصدر هذه النقولات عن أئمة التابعين : (مصنف ابن أبي شيبة: 3/174، وموسوعة فقه سفيان الثوري: 473، وفتح الباري: 4/280).

فكما رأينا : بعض الصحابة والتابعين , الذين هم أعلم الناس بالأحكام الشرعية , وأكثر الناس اتباعا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم : كانوا يخرجون زكاة الفطر نقودا

5 – وممن قال بجواز إخراج زكاة الفطر نقودا من فقهاء المذاهب , الإمام أبو حنيفة النعمان وفقهاء مذهبه .

وأيضا فإن من يلزمون الناس بإخراج زكاة الفطر طعاما يدلسون على الإمام أبي حنيفة ويزعمون أنه قال أن إخراج الطعام هو الأفضل , وإخراج النقود جائز للضرورة أو ليس الأفضل !

وهذا كذب وافتراء على المذهب الحنفي

بل نص الأحناف على أن إخراج النقود في زكاة الفطر أفضل من الطعام

وهذه بعض النقولات من كتب فقهاء المذهب الحنفي :

جاء في كتاب المبسوط : ” 2/107-108 ” : “فإن أعطى قيمة الحنطة جاز عندنا، لأن المعتبر حصول الغنى وذلك يحصل بالقيمة كما يحصل بالحنطة، وكان الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى يقول: أداء القيمة أفضل، لأنه أقرب إلى منفعة الفقير، فإنه يشتري به ما يحتاج إليه، والتنصيص على الحنطة والشعير كان لأن البياعات في ذلك الوقت بالمدينة يكون بها، فأما في ديارنا البياعات تجري بالنقود، وهي أعز الأموال، فالأداء بها أفضل” .

وجاء في الهداية شرح بداية المبتدئ: ” 1/71 ” : “والدقيق أولى من البر والدراهم أولى من الدقيق فيما يروى عن أبي يوسف” .

وجاء مثله في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق: ” 1/31 ” : “والدراهم أولى من الدقيق لأنها أدفع لحاجة الفقير وأعجل به يروى ذلك عن أبي يوسف واختاره الفقيه أبو جعفر .

6 – وممن قال بجواز إخراج زكاة الفطر نقودا : الإمام أحمد بن حنبل في رواية عنه .

7 – وفي رواية أخرى عن الإمام أحمد , رجحها الإمام ابن تيمية : أنه يجوز إخراج زكاة الفطر نقودا إذا كان ذلك أنفع للفقير .

إذن فالإمام ابن تيمية ينص على أنه يجوز إخراج زكاة الفطر نقودا إذا كان ذلك أنفع للفقير .

8 – والإمام البخاري أيضا قال بجواز إخراج زكاة الفطر نقودا .

9 – وشمس الدين الرملي من الشافعية .

10 – ومن المالكية: ابن حبيب وأصبغ وابن أبي حازم وابن وهب .

وغيرهم كثير من أهل العلم قديما وحديثا أفتوا بجواز إخراج زكاة الفطر نقودا

ولكن أكتفي بذلك في النقل عن أهل العلم حتى لا أطيل عليكم في هذه النقطة .

أدلة العلماء على جواز إخراج زكاة الفطر نقودا :

الدليل الأول :

روى البخاري في صحيحه أن النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال للنساء يوم عيد الفطر: «تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ» قال البخاري:

” فَلَمْ يَسْتَثْنِ صَدَقَةَ الفَرْضِ مِنْ غَيْرِهَا”. قال ابن حجر في الفتح: وعلى غير عادة البخاري في مخالفته للأحناف أن اتفق معهم في إخراج صدقة الفطر نقوداا .

قال ابن رشيد: وافق البخاري في هذه المسألة الحنفية مع كثرة مخالفته لهم لكن قاده إلى ذلك الدليل. (فتح الباري 5/57) .

أي أن الإمام البخاري يقول :

أن هذا الحديث الذي أمر فيه النبي صلى الله عليه وسلم النساء بالتصدق ولو من حليهن ( وهذه قيمة نقدية ) , قال البخاري أن ذلك الأمر النبوي يشمل ( صدقة الفرض ) أي زكاة الفطر , لماذا ؟

= لأن ذلك وقت إخراج زكاة الفطر , فلو كانت زكاة الفطر ليست داخلة في هذا الحديث لوجب أن يستثني النبي صلى الله عليه وسلم ويقول : تصدقن ولو من حليكن إلا زكاة الفطر فلا تكون إلا طعام , لأن من القواعد الأصولية أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز

لكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستثني زكاة الفطر من الأمر بالتصدق بالحلي

فدل ذلك على أن هذا الحديث يشمل زكاة الفطر

قد يقول قائل : لكن هذا الحديث جاء بلفظ ( تصدقن ) يعني صدقة التطوع وليس زكاة الفطر لأنها واجبة

= من المعلوم أن لفظ الصدقة يشمل صدقة التطوع والزكاة المفروضة

فقد قال الله عز وجل عن مصارف الزكاة الثمانية ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها … الخ الآية )

فهذه الآية جاءت بلفظ الصدقات رغم أنها تتحدث عن الزكاة المفروضة .

وكذلك الحديث يشمل صدقة التطوع وزكاة الفطر الواجبة .

قد يقول قائل : كيف يشمل هذا الحديث زكاة الفطر وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا الكلام بعد صلاة العيد , وآخر وقت زكاة الفطر عند بداية صلاة العيد

الجواب : مذهب جمهور أهل العلم : الشافعية , والمالكية , والحنابلة , وغيرهم , وهو الراجح : أن نهاية وقت زكاة الفطر بغروب شمس يوم عيد الفطر وليس عند صلاة العيد .

ومن الأدلة على أن آخر وقت زكاة الفطر هو غروب شمس يوم عيد الفطر :

عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كنَّا نُخرِجُ في عهدِ رَسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يومَ الفِطرِ صاعًا من طعامٍ…. )) , رواه البخاري ومسلم

وجه الدَّلالة:

أنَّ ظاهِرَ قَولِه: (يومَ الفِطرِ) صحَّةُ إخراجِ زكاة الفطر في يوم العيد  كلِّه؛ لصِدقِ اليَومِ على جميعِ النَّهارِ

وأما الأحاديث التي أمر فيها النبي صلى الله عليه وسلم بإخراج زكاة الفطر قبل صلاة العيد , فقال جمهور الفقهاء من الأئمة الأربعة وغيرهم : أن هذه الأحاديث تفيد الاستحباب والأفضلية وليس الوجوب .

إذن فلما قال النبي صلى الله عليه وسلم للنساء بعد صلاة العيد ( تصدقن ولو من حليكن ) شمل ذلك زكاة الفطر , لأنه قال ذلك في وقت إخراج زكاة الفطر , والحلي قيمة نقدية , بل كانت العملات على عهد النبي صلى الله عليه وسلم دنانير ذهبية ودراهم فضية

فهذا دليل غاية في الوضوح على أن إخراج زكاة الفطر نقدا سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم .

الدليل الثاني:

ما ذكره الإمام ابن المنذر من أن الصحابة أجازوا إخراج نصف الصاع من القمح؛ لأنهم رأوه معادلاً في القيمة للصاع من التمر أو الشعير، ولهذا قال معاوية: ” إني لأرى مُدَّيْنِ  ( أي نصف صاع ) من سمراء الشام تعدل صاعًا من التمر ” , فهم قدروه بالقيمة. (انظر فتح الباري 5/144)

الدليل الثالث : من النظر

فزكاة الفطر ليست عبادة لا نعرف حكمتها

بل هي عبادة معقولة المعنى : أي أن حكمة مشروعية زكاة الفطر معروفة

فقد شُرعت زكاة الفطر لمقصد منصوص عليه في الحديث

عن ابن عباس رضي الله عنه قال :

{ فرضَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ زَكاةَ الفطرِ طُهْرةً للصَّائمِ منَ اللَّغوِ والرَّفثِ ، وطُعمةً للمساكينِ }

 رواه أبو داوود وابن ماجة وغيرهما بإسناد حسن .

فمعنى : { طعمة للمساكين } أي : للتوسعة عليهم ولإغناؤهم عن السؤال .

فالمقصد هو أن يشعر الفقير بفرحة العيد مثل الغني، والفقير اليوم يحتاج أن يشتري لأولاده الملابس الجديدة وهدايا العيد ، وقد رأينا عشرات المرات المساكين يبيعون الحبوب لنفس التجار الذين اشترى منهم الأغنياء تلك الأصناف بثمن أقل، فهل شرعت زكاة الفطر لإغناء التجار على حساب الفقراء، وإضاعة وقت الفقير في عملية التبادل والمقايضة؟ وبوسع الفقير أن يشتري حبوبا بالمال دون خسارة، ولا يسعه أن يحصل على المال إن أخذ حبوبا إلا بالخسارة.

إن القول بتعبدية الأصناف المذكورة في الحديث ( يعني عدم جواز إخراج زكاة الفطر إلا من تلك الأصناف ) يوقعنا كمسلمين في حرج عدم مناسبة الإسلام لكل زمان ومكان , وحاشى للإسلام أن يكون كذلك , فالإسلام صالح ومصلح لكل زمان ومكان .

على أن الرافضين لدفع القيمة يلجؤون لتقصيد العبادة فلا يلتزمون بالأصناف الواردة في الحديث، ويقولون بإخراجها من غالب قوت البلد، وهو إقرار بالتعليل والتقصيد، أي أنهم يقولون أن المقصود من زكاة الفطر أمر معروف , وهو التوسعة على الفقراء وإغناؤهم , وهذا هو أساس ودليل دفع القيمة، غير أننا قلنا بالخروج عن الأصناف الواردة في الحديث إلى المال، وهم قالوا بالخروج عنها إلى غالب طعام أهل البلد .

وفي المسألة أدلة أخرى , لكن أكتفي بهذه الأدلة .

قد يقول قائل : ولكن في المسألة رأي آخر , وهو مذهب الشافعية , وقول عند المالكية , ورواية أخرى عند الحنابلة , أنه يجب إخراج زكاة الفطر طعام ولا يجوز إخراجها قيمة

وأدلتهم الأحاديث التي نص فيها النبي صلى الله عليه وسلم على الطعام

الجواب : نعم هذا رأي لبعض أهل العلم , لكن ليس هذا هو الراجح

لأكثر من سبب

السبب الأول : أنه كما نص النبي صلى الله عليه وسلم على الطعام في زكاة الفطر , فكذلك قد نص النبي صلى الله عليه وسلم على جواز القيمة في زكاة الفطر

حديث ( تصدقن ولو من حليكن ) , وقد سبق شرح الحديث .

السبب الثاني :

أن كثير ممن قالوا أنه لا يجزئ في زكاة الفطر إلا الطعام : لم يلتزموا بالأصناف الواردة في الأحاديث , كالتمر والشعير والزبيب الخ , بل قالوا : يجوز إخراجها من أي طعام يكون غالب قوت أهل البلد .

قالوا : لأن الحكمة من زكاة الفطر إغناء الفقراء , وذلك يحصل بكل طعام يكون قوتا أساسيا للناس .

فتبين لنا أن القائلين بأنه لا يجزئ في زكاة الفطر إلا الطعام , لم يلتزموا بالأطعمة الواردة , بل زادوا عليها : كل طعام يكون قوتا أساسيا لأهل البلد

وذلك لمراعاة مصلحة الفقراء

فبما أن العبرة في زكاة الفطر بمصلحة الفقراء

فمصلحة أغلب الفقراء في عصرنا تتحقق أكثر بالنقود .

السبب الثالث : قال بعض العلماء المعاصرين :

إن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر صاع الطعام في زكاة الفطر لأمرين :

الأول: ندرة النقود عند العرب في ذلك الحين، فكان إعطاء الطعام أيسر على الناس.

بل كان كثير من الناس وقت إذ يبيعون ويشترون ليس بالعملات وإنما بتبادل أصناف الأطعمة , فكان الواحد يبيع التمر ويأخذ مقابله الدقيق , أو يبيع الزبيب ويأخذ مقابله التمر .. الخ

فالنبي -صلى الله عليه وسلم- لما فرض زكاة الفطر من الأطعمة السائدة في بيئته وعصره؛ إنما أراد بذلك التيسير على الناس، ورفع الحرج عنهم. فقد كانت النقود الفضية أو الذهبية عزيزة عند العرب، وأكثر الناس لا يكاد يوجد عنده منها إلا القليل، أو لا يوجد عنده منها شيء. وكان الفقراء والمساكين في حاجة إلى الطعام من البر أو التمر أو الزبيب، أو الأقط

لهذا كان إخراج الطعام أيسر على المتصدق ، لأنه ربما لا يكون معه دراهم أو دنانير يخرجها في زكاة الفطر , فيكون الأيسر عليه أن يتصدق بالطعام .

وكذلك كان إخراج الطعام أنفع للفقير الآخذ لزكاة الفطر ، لأنه حتى لو أخذ دراهم أو دنانير , فكان في الغالب سيشتري بها طعام , فلم تكن في أيامهم متطلبات الحياة كثيرة مثل أيامنا , فإخراج الطعام وقتها كان هو الأنفع والأيسر للفقير , والقصد التيسير , ولهذا أجاز صلى الله عليه وسلم لأصحاب الإبل والغنم أن يخرجوا “الأقط” -وهو اللبن المجفف المنزوع زبده- , فكل إنسان يخرج من الميسور لديه.

والثاني : إن القوة الشرائية للنقود تتغير من زمن لآخر، ومن بلد لآخر، ومن حال لآخر، فلو تم تحديد مقدار زكاة الفطر بالنقود لكانت قيمة زكاة الفطر مضطربة وقابلة  للارتفاع والانخفاض حسب القوة الشرائية للنقود . على حين يمثل الصاع من الطعام مقياسا ثابتا يسهل معه معرفة مقدار زكاة الفطر ، فإذا جعل الشرع الصاع هو الأصل في التقدير فليس لأن الصاع مقصودا لذاته , بل لأن هذا هو الأيسر لمعرفة مقدار زكاة الفطر ، وأبعد عن التقلب والإضطراب .

وأختم هذا البحث بتوجيه سؤال لمن يلزمون الناس بإخراج الطعام في زكاة الفطر : هل شُرِعَت زكاة الفطر لإكرام الفقير وإغناؤه أم لإهانته وإذلاله ؟

= طبعا سيقولون : لإكرام الفقير وإغناؤه .

جيد للغاية , فحين نعطي الفقير الطعام وهو يحتاج إلى النقود , ماذا سيفعل الفقير ؟

= سيذهب لبيع الطعام , فيعرف التاجر ويعرف الجميع أن هذا فقير يأخذ الصدقات !!

أليس هذا فيه إهانة وإذلال للفقير !؟

بل يتعرض الفقير لما هو أبشع من ذلك : يتعرض لاستغلال التجار لحاجته وفقره , فيشترون منه الطعام بثمن أقل من سعره الحقيقي !!

فهل شُرِعَت زكاة الفطر لإغناء التجار على حساب الفقراء !؟

وهل شُرِعَت زكاة الفطر لإهانة الفقراء وإذلالهم بأن يضطروا كي يحصلون على المال أن يعرف الجميع حالهم وفقرهم !؟

لا والله ثم لا والله

هذا الشرع الحكيم الذي أخبر أن إخراج الصدقة في الخفاء بعيدا عن أعين الناس  أفضل ( وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ) , أمر بذلك حفاظا على إخلاص المتصدق , وحفاظا على مشاعر الفقير

فهل هذا الشرع الحكيم الجليل الذي يحافظ على مشاعر الفقير لهذه الدرجة سيأمر بما يؤدي إلى إهانته وإذلاله !!

= حاشى للشرع الحكيم أن يأمر بما يتنافى مع مصلحة الفقراء ويؤدي إلى إهانتهم وإذلالهم , بل هو الفهم السقيم الخاطئ للبعض , أما الشرع الحكيم فأبعد ما يكون عن ذلك .

فالخلاصة :

يجوز إخراج الحبوب في زكاة الفطر , ويجوز إخراج النقود

والأدلة الشرعية دلت على جواز الأمرين

ولا يخدعنكم أحد كما هو منتشر على بعض صفحات التواصل : أن إخراج زكاة الفطر طعام وحي , وإخراج زكاة الفطر نقودا مجرد رأي !

هذا تدليس على الناس !!

بل إخراج زكاة الفطر طعام : ثابت بالوحي , وإخراج زكاة الفطر نقودا : أيضا ثابت بالوحي , وسبق عرض الأدلة الشرعية في ذلك .

ولا يخدعنكم أحد بأن إخراج زكاة الفطر طعام هو مذهب السلف الصالح

فكما سبق : السلف الصالح من الصحابة والتابعين منهم من أخرجها طعام , ومنهم من أخرجها نقود

إذن فالأفضل في زكاة الفطر : الأنفع للفقير , فقد شرعت زكاة الفطر لمصلحته والتوسعة عليه وإغناؤه

والأنفع لغالب الفقراء هو المال

فلذلك هو الأفضل في زكاة الفطر

إلا إذا علمت أن فقيرا معينا سيكون الأفضل له أن تعطيه طعام : فأعطيه الطعام الذي يحتاجه , واجعل الطعام فيه أنواع مختلفة حتى يتحقق بذلك إغناء الفقير عن السؤال .

هذا والله عز وجل أعلم .

أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *