هل النبي صلى الله عليه وسلم سمي أميا نسبة إلى أم القرى؟

السؤال: ينتشر على مواقع التواصل بوست مفاده أن النبي صلى الله عليه وسلم سمي أميا ليس لأنه لا يقرأ ولا يكتب بل نسبة إلى أم القرى فهل هذا صحيح؟

الجواب: هذا ليس صحيحا أبدا

بل هذا فيه خلط بين معنى كلمة “أمي” وبين أصل اشتقاقها اللغوي.

فأصل اشتقاق كلمة “أمي” قيل: مشتقة من الأمة، وقيل مشتقة من أم القرى، وقيل مشتقة من الأم، على تفصيل ذكره اللغويين لا مجال لذكره الآن.

أما معنى كلمة “أمي”: الذي لا يقرأ ولا يكتب، وأمية النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن نقصا ولا عيبا حاشاه صلى الله عليه وسلم، بل هي معجزة في حقه صلى الله عليه وسلم كما سيأتي تفصيله الآن.

أولا: الأدلة على أن معنى النبي الأمي أي الذي لا يقرأ ولا يكتب

  1. قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ} (سورة الأعراف: 157) في هذه الآية الكريمة وصف الله نبيه صلى الله عليه وسلم بصفة “الأمية”، وقد نقل الواحدي في “البسيط” (9/396): اتفاق العلماء أن معناه “الذي لا يكتب ولا يقرأ”. قال قتادة في تفسير (النبي الأمي): “وهو نبيكم صلى الله عليه وسلم؛ كان أميا لا يكتب”، انتهى، رواه الطبري في “تفسيره” (10/491).
  2. من الأدلة على ذلك أيضا: أن النبي صلى الله عليه وسلم كلف بعض أصحابه بمهمة كتابة الوحي، إذ لو كان النبي صلى الله عليه وسلم يكتب بنفسه لما كلف بعض الصحابة بكتابة الوحي ولكتب الوحي بنفسه.
  3. كل المسلمين تقريبا حتى الأطفال يحفظون حديث بداية نزول الوحي، أن سيدنا جبريل نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في غار حراء فقال له: “اقرأ”، قال صلى الله عليه وسلم: “ما أنا بقارئ”…، الخ الحديث. ما معنى: “ما أنا بقارئ”؟ = أي لا أستطيع القراءة.

الاعتراض والرد عليه

يعترض البعض على ذلك ويقولون: قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (سورة الجمعة: 2)

يقولون: كيف أن الرسول بعثه الله كي يعلم الأمة الكتاب وهو لا يحسن الكتابة؟

الجواب: قال الله تعالى في الآية: “ويعلمهم الكتاب” ولم يقل “ويعلمهم الكتابة”!، ومعنى “ويعلمهم الكتاب” أي: يعلمهم القرآن من حفظه صلى الله عليه وسلم ولا علاقة لذلك من قريب أو بعيد بالقراءة والكتابة.

ثانيا: أشم رائحة أعداء الإسلام أنهم وراء هذا البوست

لأنهم يتدرجون مع المسلمين خطوة خطوة، اليوم يخدعون المسلمين بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ ويكتب ويعرف لغات عديدة كما هو منتشر في البوست إياه، وبعد ذلك يقولون للمسلمين: بما أن نبيكم كان قارئا عارفا للغات كثيرة فقد أتى بهذا القرآن من كتب السابقين وليس من عند الله!!

وفي الحقيقة أني لا أفترض أمرا بعيدا، بل هذا ما فعله المستشرقون بالفعل، لما أرادوا أن ينشروا أكاذيبهم على الإسلام ويقولوا أن هذا القرآن ليس وحيا من عند الله وإنما قد قام بتأليفه النبي صلى الله عليه وسلم: بدؤوا أولا بزعمهم أن كلمة “أمي” ليس معناها الذي لا يقرأ ولا يكتب، وقاموا بتحريف الكلمة عن معناها وزعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجيد القراءة والكتابة، ثم انتقلوا للخطوة التالية مباشرة، فقالوا: بما أنه كان يجيد القراءة والكتابة إذن فالقرآن ليس وحيا، وإنما قد قام بتأليفه محمد وجمعه من كتب السابقين!!

فانظروا إلى خطورة الأمر ومدى تلاعب أعداء الإسلام بالسذج من المسلمين الذين ينشرون أي شيء بلا تثبت.

ثالثا: أمية النبي صلى الله عليه وسلم معجزة ربانية للنبي وللأمة

أمية النبي صلى الله عليه وسلم ليست نقصا ولا عيبا كما يظن البعض!!

يقول الله تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} (سورة العنكبوت: 48)

هذه الآية أثبتت أمرين:

  1. أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقرأ ولا يكتب: (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ)
  2. ذكرت الآية سبب ذلك: {إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} أي أن النبي صلى الله عليه وسلم لو كان يقرأ ويكتب ويعرف لغات أخرى غير العربية لقال المبطلون أي أعداء الإسلام: هذا القرآن ليس وحيا من عند الله وإنما قام محمد بتأليفه لأنه قارئ لكتب السابقين ويعرف لغاتهم، فجمع ما في هذه الكتب من علوم وألف القرآن وزعم أنه وحي من عند الله!!

فأراد الله عز وجل إعجاز هؤلاء المبطلين بأن جعل نبيه صلى الله عليه وسلم لا يقرأ ولا يكتب ولا يعرف أي لغة غير العربية، ورغم ذلك يأتي بأفصح كتاب عجزت الدنيا كلها، إنسها وجنها، قديمها وحديثها، عن الإتيان بمثله أو بمثل أقصر سورة منه.

قرآن عظيم مليء بالعلوم اللغوية والبلاغية وفيه قصص كثير من السابقين وإخبار عن الغيبيات، وفيه الإعجاز العلمي، فيه علوم لا تعد ولا تحصى، فمحال أن يأتي رجل لا يقرأ ولا يكتب بهذا القرآن العظيم من عند نفسه، وإنما لا بد أن يكون وحيا من عند الله، وهذا عين المعجزة والإعجاز.

أخيرا: لا تنخدعوا وتأخذكم العاطفة وتنشروا أي شيء بلا بينة ولا دليل، إن هذا العلم دين فانظروا عن من تأخذون دينكم.

أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *