السؤال:
لماذا دعوت الناس يا شيخ لصلاة الغائب على الشهيد يحيا السنوار، أليس شهيد المعركة ضد الكفار لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه؟
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أما الشهيد الذي مات في معركة ضد الكفار فلا يغسل ولا يكفن ويتم دفنه في الثياب التي استشهد وهو يرتديها. وأما الصلاة عليه ففيها ثلاثة أقوال عن أهل العلم:
القول الأول:
قول جمهور العلماء بأنه لا يُصلى عليه، وهو قول الإمام مالك والشافعي وأصح الروايتين عن أحمد (أنظر المغني 2/334)؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على شهداء أحد (رواه البخاري 1347)، ولأن الحكمة من الصلاة هي الشفاعة، والشهيد يُكفر عنه كل شيء (فلا يحتاج شفاعة) إلا الدين، فإنه لا يسقط بالشهادة بل يبقى في ذمة الميت.
القول الثاني:
ذهب الإمام أبو حنيفة إلى وجوب الصلاة على الشهيد، وأدلته ستأتي بعد قليل.
القول الثالث:
ذهب بعض العلماء إلى أنه يُشرع الصلاة على الشهيد – ولكنها لا تجب – وهذا رواية عن الإمام أحمد (انظر المغني 2/334)، واختار هذا القول ابن القيم وابن حزم وغيرهما.
وقد استدل أصحاب القول الثاني والثالث بعدة أدلة منها:
- عن شداد بن الهاد: “أن رجلاً من الأعراب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فآمن به واتبعه، ثم قال: أهاجر معك فلبثوا قليلاً، ثم نهضوا في قتال العدو، فأُتي به النبي صلى الله عليه وسلم يُحمل وقد أصابه سهم، … ثم كفنه النبي صلى الله عليه وسلم في جبته، ثم قدمه فصلى عليه…”
أخرجه النسائي وصححه الألباني في أحكام الجنائز. - روى البخاري (4042) ومسلم (2296) عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال:
“صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ بَعْدَ ثَمَانِي سِنِينَ كَالْمُوَدِّعِ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ.”
وفي لفظ: “أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ”
رواه البخاري (1344) ومسلم (2296) من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه – أيضا.
وفي الحقيقة هذه الأدلة لا تدل على وجوب الصلاة على شهيد المعركة ضد الكفار، فلو كانت الصلاة عليهم واجبة لصلى النبي صلى الله عليه وسلم على شهداء أحد وقت دفنهم ولم يؤخر الصلاة عليهم ثمان سنين.
إذن فما القول الراجح؟
الراجح: القول الثالث، أن الصلاة على شهيد المعركة ضد الكفار ليست واجبة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على شهداء أحد وقت دفنهم، لكنها مستحبة من باب تكريم الشهيد بدليل صلاته صلى الله عليه وسلم على بعض شهداء الصحابة، وبدليل صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على شهداء أحد بعد غزوة أحد بثمان سنين كما سبق ذكره.
هذا والله عز وجل أعلم.