يكثر بين الصائمين بعض الأخطاء والاعتقادات الخاطئة التي قد تؤثر على عبادتهم وتسبب لهم الحرج دون سبب شرعي. ومن المهم تصحيح هذه المفاهيم وفقًا لما ثبت عن النبي ﷺ وأقوال العلماء. في هذا المقال، نستعرض أبرز هذه الأخطاء مع بيان الصواب فيها، حتى يكون الصيام صحيحًا ومقبولًا بإذن الله.
من أخطاء الصائمين :
1 – بعض الناس يظنون أن المضمضة والإستنشاق في الوضوء والغسل لا تجوز أثناء الصيام !
= خطأ !
فينبغي أن تتمضمض وتستنشق , لكن لا تبالغ كي لا تبتلع شيء من الماء .
فما الحكم لو ابتلعت شيءً من الماء بدون قصد ؟
= صيامك صحيح .. قال النبي صلى الله عليه وسلم : { إنَّ اللهَ تعالى وضع عن أُمَّتي الخطأَ ، و النسيانَ ، و ما اسْتُكرِهوا عليه } , إسناده صحيح .
2 – بعض الناس يظنون أن إستعمال السواك لا يجوز في الصيام!
= خطأ !
بل يجوز إستعمال السواك في أي وقت من أوقات الصيام .
أما معجون الأسنان : فيجوز استعماله أثناء الصيام بشرط : الاحتياط في استعماله والتحرز جيدا كي لا يتم ابتلاع شيء منه كي لا يبطل الصيام .
ولذا فالأولى اجتنابه أثناء الصيام وتأخير إستعماله إلى ما بعد الإفطار لأنه يختلط بشكل شديد بالريق .
ولكن إذا تم استعماله أثناء الصيام مع الاحتياط والتحرز جيدا : ورغم ذلك تم ابتلاع شيئ منه عن طريق الخطأ : فذلك معفو عنه ولا يؤثر على الصيام في شيء , لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( رُفِعَ عن أمتي الخطأ والنسيان ) .
3 – بعض الناس يظنون أن إستعمال البرفانات أثناء نهار رمضان , وكريمات الشعر والبشرة , وزيوت الشعر , ومزيلات العرق , ووضع المراهم على الجلد , أن ذلك يفسد الصيام !
= خطأ !
فاستعمال تلك الأشياء في نهار رمضان لا يفسد الصيام لأنها يتم امتصاصها عن طريق الشعر والجلد ولا يصل منها شيء للمعدة .
4 – بعض الناس يظنون أنه لا يجوز لهم أن يأكلوا أو يشربوا بعد سماعهم المؤذنين في مساجد بعض القرى قبل أذان الفجر بحوالي عشر دقائق يقولون : إرفعوا أيديكم عن الطعام , أو عند سماعهم مدفع الإمساك في الإذاعة !
= خطأ !
فيجوز أن تأكل وتشرب حتى أذان الفجر , ولا عبرة بأي شيء قبل أذان الفجر , سواء مدفع الإمساك أو غيره .
5 – ومن أخطاء الصائمين أيضا : إعتقاد بعض الناس أنه لا يجوز لهم أن يفطروا إلا بعد أن يتشهد المؤذن أو ينتهي من أذان المغرب !
= خطأ !
فمادام المؤذن يؤذن في التوقيت الصحيح , فالسنة تعجيل الفطر
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { لا يَزَالُ النَّاسُ بخَيْرٍ ما عَجَّلُوا الفِطْرَ. } , رواه البخاري ومسلم
فينبغي أن تفطر عند بداية أذان المغرب مباشرة .. واترك العادات الموروثة الخاطئة .
6 – إعتقاد بعض الناس أنه لو أذن عليه الفجر قبل أن يغتسل من الجنابة أن صيامه باطل !
= خطأ !
لو أذن عليك الفجر قبل أن تغتسل من الجنابة فصيامك صحيح
ويدل على ذلك الحديث :
{ أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يُدْرِكُهُ الفَجْرُ وهو جُنُبٌ مِن أهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ، ويَصُومُ. }
رواه البخاري .
فغسل الجنابة شرط لصحة الصلاة وليس شرطا لصحة الصيام .
7 – إعتقاد بعض النساء أنها لو طهرت من حيضها أو نفاسها قبل الفجر .. ثم أذن الفجر قبل أن تغتسل .. أنصيامها غير صحيح !
= خطأ !
فمادامت طهرت من حيضها أو نفاسها قبل الفجر , فيجب عليها أن تصوم , وصيامها صحيح حتى لو أخرت إغتسالها إلى ما بعد أذان الفجر
فاغتسالها بعد الحيض أو النفاس شرط لصحة الصلاة وليس شرطا لصحة الصيام .
8 – إعتقاد بعض النساء أنها لو أدخلت لبوس أو أجرت فحوصات طبية عن طريق إدخال السونار ونحو ذلك إلى المهبل أثناء الصيام أنها تفطر !
= خطأ !
هذه الأمور لا تؤثر على صيامها في شيء .
9 – إعتقاد بعض الناس أن وضع الكحل أو القطرة في العين , أو القطرة في الأذن , أو غسول الأذن : أن ذلك يفسد الصيام !
= خطأ !
فالعين والأذن لا يصل منهما أي شيء لا للجوف ولا للمعدة .
وأما القطرة في الأنف , أو بخاخ الأنف : ؟
= فتلك الأشياء أيضا لا تفسد الصيام إذا اجتنب المريض ابتلاع ما نفذ منها إلى الحلق
وحتى لو نفذ منها شيء إلى الحلق وابتلعه المريض على سبيل الخطأ دون تعمد : فأيضا صيامه صحيح , لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( رُفِعَ عن أمتي الخطأ والنسيان ) .
10 إعتقاد بعض الناس أن جميع الحقن تفسد الصيام !
= خطأ !
فجميع الحقن : سواء في الوريد , أو في العضل , أو الفيتامينات , أو الأنسولين , أو الشرجية , أو الحقن التي يتم أخذها تحت الجلد , الخ , جميع الحقن لا تفسد الصيام لأنها ليست بأكل ولا شرب ولا في معنى الأكل والشرب
إلا الحقن المغذية مثل الجلوكوز
فبعض العلماء المعاصرين قالوا أنها تفطر لأنها تغني الإنسان عن الأكل والشرب
وبعض العلماء المعاصرين قالوا أنها لا تفطر لأنها تصل إلى الدم مباشرة ولا تصل إلى المعدة ولا تعوض الإنسان عن لذة الأكل والشرب والشبع
فالأحوط تجنب الحقن المغذية أثناء الصيام إن كان ذلك في الاستطاعة
أما إذا كان لابد من أخذ تلك الحقن المغذية أثناء الصيام : فيجوز أخذها والأحوط والأفضل قضاء يوما مكان هذا اليوم .
تنبيه , الكلام عن الحقن المغذية فقط , أما بقية الحقن بجميع أنواعها فكما سبق : لا تؤثر على الصيام في شيء .
11 – إعتقاد بعض الناس أن تذوق الطعام يفسد الصيام !
= خطأ !
فتذوق الطعام مع الحرص على عدم ابتلاع شيء منه لا يؤثر على الصيام في شيء
, ولو تم ابتلاع شيء من الطعام على سبيل الخطأ فلا يؤثر على الصيام في شيء أيضا , لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( رُفِعَ عن أمتي الخطأ والنسيان ) .
12 – إعتقاد بعض الناس أن خلع الضرس يفسد الصيام !
= خطأ !
فخلع الضرس أثناء نهار رمضان لا يفسد الصيام , مع الحرص على عدم ابتلاع شيء من الدم الخارج من اللثة بعد خلع الضرس
وحتى لو تم ابتلاع شيء من الدم على سبيل الخطأ فأيضا لا يؤثر على صحة الصيام في شيء , لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( رُفِعَ عن أمتي الخطأ والنسيان )
وحتى حقنة البنج التي يتم أخذها في اللثة لا تفطر لأنها لا يصل منها شيء للمعدة .
13 – يعتقد الكثيرون أن الحجامة أو التبرع بالدم يفسد الصيام !
= خطأ !
فالتبرع بالدم أو الحجامة أثناء نهار رمضان لا يفسد الصيام , لأن الفطر يكون مما دخل إلى الجوف والمعدة وليس مما خرج من الجسد .
وأما حديث : ” أفطر الحاجم والمحجوم ” , فحديث ضعيف , بل الحديث الصحيح ( أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم ) .
14 – يعتقد البعض أن إستعمال المنظار يفسد الصوم !
= خطأ !
فاستعمال المناظير في أي مكان في الجسد لا يفطر
وحتى منظار المعدة لا يفطر إلا إذا صاحبه إدخال سوائل (محاليل) أو مواد أخرى .
15 – يعتقد البعض أن جميع أدوية الربو والحساسية الصدرية تفطر !
= خطأ !
فأدوية الربو والحساسية الصدرية أنواع , منها غير المفطر ومنها المفطر
ومن أشهر هذه الأدوية والعلاجات : البخاخ ، والأكسجين ، والتبخير ، والكبسولات .
أما البخاخ فهو غاز مضغوط يستعمله المريض ويصل إلى الرئتين عن طريق القصبة الهوائية لتوسيع الرئتين ، وهو ليس أكلاً ولا شربا ولا شبيها بهما , فلا يفطر
وأما الأكسجين فهو أيضا ليس أكلاً ولا شرباً ، فأيضا لا يفطر .
وأما التبخير : فيكون استعماله عن طريق جهاز يقوم بتحويل الدواء – وعادة ما يكون الدواء محلولاً في ملح الصوديوم – السائل إلى بخار ورذاذ ناعم ، ويوضع الدواء في وعاء صغير خاص بالجهاز ، وعند تشغيل الجهاز يتم ضخ هواء بسرعة عالية مما يسبب تبخير هذا الدواء ، وبالتالي يتم استنشاقه من قبَل المريض إما عن طريق كمَّام يوضع على الفم ، أو أنبوب صغير يمكن وضعه داخل الفم .
ووصول قطرات الماء والملح إلى الجوف عن طريق هذا الجهاز أمر شبه حتمي ، ولا يستطيع المريض تفادي حدوثه ، وعليه : فإذا احتاج المريض إلى استعمال هذه الطريقة أثناء الصيام فليفطر وليقض يوماً آخر مكانه .
وأما الكبسولات : فهي عبارة عن كبسولات يكون فيها الدواء على شكل بودرة جافة ، ويتم إدخال هذه الكبسولات إلى جهاز خاص فيه أداة لثقب هذه الكبسولات وإخراج جرعة الدواء , ويتم شفطها من الجهاز بواسطة الفم .
واستعمال هذه الكبسولات مفسد للصيام ، لأن جزءاً من هذه البودرة يختلط بالريق وينزل إلى المعدة .
فإذا احتاج المريض إلى استخدامها أثناء الصيام فليفطر وليقضي يوما مكان هذا اليوم .
16 – بعض الناس يظنون أن أخذ مرهم أو لوبوس شرجي أن ذلك يفطر !
= خطأ !
فهذه الأشياء ليست أكلا ولا شربا ولا يصل منها شيء للمعدة , فلا تفطر .
17 – يعتقد البعض أن استعمال الشطاف يفسد الصيام !
= خطأ
فدخول شيئ من المياه للدبر أثناء الاستنجاء أو لفرج المرأة أثناء الاغتسال لا يؤثر على الصيام في شيء أبدا , لأن هذه الأماكن ليست مداخل طبيعية للجوف ولا للمعدة , وليست أكلا ولا شربا ولا في معنى الأكل والشرب , ولم يرد في الكتاب والسنة دليل على الإفطار بهذه الأمور
بل كما سبق أن الحقنة الشرجية أيضا لا تفطر الصائم على الراجح من كلام أهل العلم كشيخ الاسلام ابن تيمية والإمام ابن حزم وغيرهما , لنفس الأسباب المذكورة آنفا .
18 – يعتقد البعض أن الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان تفسد الصيام !
= خطأ !
فالأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان لعلاج بعض أمراض القلب والذبحة الصدرية الخ , إنما يتم امتصاصها في الفم وتصل إلى الدم مباشرة دون أن يصل منها شيء للمعدة , فهذه الحبوب لا تفسد الصيام
وعلى من يستعملها أن يحترز حتى لا يبتلع منها شيئاا قبل امتصاصها
وحتى لو ابتلع منها شيئا على سبيل الخطأ فأيضا صيامه صحيح , لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( رُفِعَ عن أمتي الخطأ والنسيان ) .
فعلينا أن نتفقه في الدين , ونترك العادات الخاطئة الموروثة التي لا أساس لها في ديننا .
والله ولي التوفيق .