#الإعجاز_الإخباري_في_القرآن_والسنة
حلقة ( 7 )
علامة عجيبة من علامات الساعة الصغرى أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم وتحققت تماما كما أخبر .
قال – صلى الله عليه وسلم – : { لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تَخْرُجَ نارٌ مِن أرْضِ الحِجازِ، تُضِيءُ أعْناقَ الإبِلِ ببُصْرَى } , رواه البخاري ومسلم
الشرح
يخبرنا صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن من علامات الساعة الصغرى : خروج نار كبيرة وعظيمة جدا من بلاد الحجاز , ومن شدتها يصل ضوؤها ليلا إلى مدينة بصرى , حتى أن الناس في بسرى سيرون إبلهم ليلا في ضوء تلك النار , وبصرى مدينة بالشام موجودة في سوريا .
وقد حدث تماما ما أخبر به رسولنا صلى الله عليه وسلم , بل أمر هذه النار قد خلده التاريخ ، ودونه المؤلفون ، وسطره الشعراء الحاذقون .
ففي سنة 654هـ؛ أي: بعد وفاة النبي – صلى الله عليه وسلم – بما يقرب من 644 سنة , ثار بركان عظيم بجوار المدينة المنورة ثوراناً عنيفاً , وقد وصفه المؤرخون فقالوا أنه سبق ثوران هذا البركان زلزالا عنيفا تردد في يوم واحد (18) مرة , واهتزت له المنابر وسمع لسقف المسجد النبوي صرير عظيم.
قال القسطلاني : فلما كان يوم الجمعة نصف النهار , ظهرت تلك النار , فثار من محل ظهورها في الجو دخان متراكم غشى الأفق سواده , فلما تراكمت الظلمات وأقبل الليل سطع شعاع النار , فظهرت مثل المدينة العظيمة .
وقال القسطلاني: إن ضوءها استولى ( أي ليلا ) على ما بطن وظهر حتى كأن الحرم والمدينة بهما شمس مشرقة .
قال الإمام ابن كثير في البداية والنهاية : “ثم دخلت سنة أربع وخمسين وستمائة، فيها كان ظهور النار من أرض الحجاز التي أضاءت لها أعناق الإبل ببُصرى، كما نطق بذلك الحديث المتفق عليه .
وقال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم : ” ” وقد خرجت في زماننا نار بالمدينة سنة أربع وخمسين وستمائة، وكانت ناراً عظيمة جداً من جنب المدينة الشرقي، وراء الحرة، تواتر العلم بخروجها عند جميع الشام وسائر البلدان , وأخبرني من حضرها من أهل المدينة “.
وقد حدث ما أخبر به النبي –صلى الله عليه وسلم- من إضاءة هذه النيران لأعناق الإبل ببصرى في الشام ، كما نطق بذلك الحديث الصحيح الثابت في البخاري ومسلم
فقد ذكر الإمام القرطبي في كتابه التذكرة أنه بلغه أن هذه النار قد شوهدت من جبال بصرى بالشام .
وقال الإمام ابن كثير في البداية والنهاية : أخبرني قاضي القضاة صدر الدين علي بن أبي القاسم التميمي الحنفي الحاكم بدمشق، فقال: “سمعت رجلاً من الأعراب يخبر والدي بِبُصْرى في تلك الليالي، أنهم رأوا أعناق الإبل في ضوء هذه النار التي ظهرت في أرض الحجاز”.
وقال الإمام المؤرخ شمس الدين الذهبي في كتابه تاريخ الإسلام : “أمر هذه النار مُتواتِر، وهي مما أخبر به المصطفى – صلى الله عليه وسلم – حيث يقول: ((لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء لها أعناق الإبل ببصرى))، وقد حكى غير واحد ممَّن كان ببُصرى في الليل، ورأى أعناق الإبل في ضوئها”
وحصل بسبب هذه النار إقلاع عن المعاصي، والتقرب إلى الله تعالى بالطاعات ، ودخل أهل المدينة إلى مسجد النبي عليه الصلاة والسلام مستغفرين تائبين إلى ربهم تعالى، وكان الناس بين مصلٍّ وتالٍ للقرآن، وراكع وساجد ، حتى استجاب الله لدعائهم وانطفأت تلك النار .
فقد استمر ثوران هذا البركان مدة ثلاثة شهور كما رواه المؤرخون يسكن مرة ويثور أخرى حتى همدت ناره نهائياً .
فظهر بظهور تلك النار معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم لوقوع ما أخبر به من خروج النار العظيمة من أرض الحجاز ووصول ضوئها ليلا إلى بلاد الشام .
فصلى الله على الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى .